دول غرب إفريقيا تفرض حصاراً اقتصادياً على النيجر وتنذر الانقلابيين
دول غرب إفريقيا تفرض حصاراً اقتصادياً على النيجر وتنذر الانقلابيين
فرضت دول غرب إفريقيا، الأحد، حصاراً اقتصادياً على النيجر، معلّقةً "جميع التبادلات التجارية والمالية" مع هذا البلد، وأمهلت الانقلابيين أسبوعاً لإعادة الانتظام الدستوري إلى الحكم، من دون أن تستبعد "استخدام القوة".
تزامناً، تجمع آلاف المتظاهرين تأييداً للعسكريين الانقلابيين أمام سفارة فرنسا في نيامي صباحاً، قبل أن يتم تفريقهم بواسطة القنابل المسيلة للدموع، وفق وكالة فرانس برس.
وحاول البعض اقتحام المبنى بينما انتزع آخرون اللوحة التي تحمل عبارة "سفارة فرنسا في النيجر" وداسوها ووضعوا مكانها علمي روسيا والنيجر.
وندّدت باريس بالتظاهرة، وحذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أنه "لن يتسامح مع أي هجوم ضد فرنسا ومصالحها"، مهدداً بأن باريس سترد "فوراً وبشدّة".
ويوجد حاليا ما بين 500 إلى 600 مواطن فرنسي في النيجر، لكن وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا أفادت إذاعة "آر تي إل" بأنه جرى الاتصال بهم "واتخذت إجراءات احترازية"، لكن لم يتم إصدار أمر لهم بالمغادرة.
ويشتد الضغط يوما بعد يوم على الرجل القوي الجديد في النيجر، الجنرال عبدالرحمن تياني قائد الحرس الرئاسي الذي يقف وراء إطاحة الرئيس محمد بازوم المحتجز منذ 4 أيام.
ودعا "الحزب النيجيري للديمقراطية والاشتراكية" الذي ينتمي إليه بازوم إلى تنظيم تظاهرات للمطالبة بالإفراج عنه.
حصار اقتصادي
لم يعترف كل من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، والاتحاد الإفريقي، والدول الغربية وبينها فرنسا والولايات المتحدة بـ"السلطات" المنبثقة من الانقلاب، وطالب هؤلاء الأطراف بإعادة الانتظام الدستوري إلى الحكم.
وعقدت الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (التي تضم 15 دولة بينها النيجر) قمة استثنائية، الأحد، في أبوجا برئاسة الرئيس النيجيري بولا تينوبو الذي يترأس الجماعة الإقليمية منذ مطلع الشهر الحالي.
وطلبت الجماعة "الإفراج الفوري" عن الرئيس و"العودة الكاملة إلى الانتظام الدستوري في جمهورية النيجر"، وذلك وفق قرارات صادرة في ختام القمة.
وحذّرت من أنه في حال "عدم تلبية (المطالب) ضمن مهلة أسبوع"، ستقوم الجماعة "باتخاذ كل الإجراءات الضرورية.. وهذه الإجراءات قد تشمل استخدام القوة".
وقررت المنظمة الإقليمية "تعليق جميع المبادلات التجارية والمالية" بين الدول الأعضاء والنيجر.
وفرضت "إيكواس" عقوبات مالية أخرى منها "تجميد أصول المسؤولين العسكريين المتورطين في محاولة الانقلاب".
ورحبت واشنطن "بالقيادة القوية لرؤساء دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) في الدفاع عن النظام الدستوري في النيجر"، وفق بيان لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن انضم فيه إلى الدعوات للإفراج الفوري عن بازوم واستعادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيا.
وأضاف بلينكن أن "الولايات المتحدة ستظل منخرطة بنشاط مع إيكواس وزعماء دول غرب إفريقيا بشأن الخطوات التالية للمحافظة على الديمقراطية التي حققتها النيجر بعد جهد كبير".
لكن رئيس وزراء النيجر حمودو محمدو صرّح لقناة فرانس 24، الأحد، بأن العقوبات "ستكون كارثة" اقتصاديا واجتماعيا.
من أفقر دول العالم
والنيجر بلد يقع في منطقة الساحل الصحراوية ويبلغ عدد سكانه 20 مليون نسمة، وهو من أفقر دول العالم رغم موارده من اليورانيوم.
وقال تينوبو: "لم يعد الوقت مناسبًا لنا لإرسال إشارات إنذار"، مضيفا: "حان وقت التحرّك".
وشارك قادة الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا أو ممثلون لهم في القمة، باستثناء دول مالي وغينيا وبوركينا فاسو، وذلك بسبب تعليق عضويتها منذ أن شهدت أيضا انقلابات عسكرية.
وشارك رئيس تشاد محمد إدريس ديبي إيتنو في القمة رغم أن بلاده ليست عضواً في المجموعة الاقتصادية، ولكنها جارة للنيجر وهي أيضا قوة عسكرية في منطقة الساحل متحالفة مع فرنسا.
وتوجه ديبي بعدها إلى نيامي، الأحد، في إطار "مبادرة تشادية"، "ليرى ما يمكن أن يقدمه في سبيل تسوية الأزمة" في النيجر، بحسب ما أكد المتحدث باسم الحكومة التشادية عزيز محمد صالح.
وأفادت أوساط مقربة من بازوم بأن ديبي "تحدث إلى تياني وبعث إليه برسالة من إيكواس".
مفاوضات لإيجاد مخرج
وأعلن رئيس النيجر السابق محمدو يوسفو، الأحد، أنه يعمل على "إيجاد مخرج للأزمة عبر مفاوضات" بهدف "الإفراج" عن خلفه محمد بازوم و"إعادته إلى منصبه".
وفي نيامي، أدان المجلس العسكري المنبثق من الانقلاب مساء السبت القمة التي تهدد في رأيه بـ"تدخل عسكري وشيك في نيامي بالتعاون مع دول إفريقية غير منتسبة إلى المنظمة وبعض الدول الغربية".
ومعلوم أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا قررت نهاية 2022 إنشاء قوة إقليمية للتدخل ضد الجهاديين وأيضا في حال حدوث انقلاب.
وتقع النيجر في قلب منطقة الساحل وهي الحليف الأخير الذي تقيم معه باريس شراكة "قتالية" ضد المتطرفين في هذه المنطقة التي تعاني انعدام الاستقرار والهجمات.
وتنشر فرنسا راهنا نحو 1500 عسكري كانوا يعملون حتى الآن بالتعاون مع جيش النيجر.
وتعرف المنطقة حالة انعدام استقرار، إذ إن النيجر هي ثالث دولة تشهد انقلابا منذ عام 2020 بعد مالي وبوركينا فاسو.